سرطان الثدي
يصيب سرطان الثدي النساء والرجال على حدٍ سواء, ولكن نسبة إصابة الرجال بسرطان الثدي نادرة جداً, حيث أن نسبة إصابة النساء بهذا المرض تعادل 100 ضعف الرجال.
تلعب الجراحة دوراً مهماً في عملية تشخيص وعلاج سرطان الثدي، الأورام الحميدة منها أو الخبيثة.
فقد مر علاج سرطان الثدي بتغييرات كثيرة، من العلاجات البدائية التي كانت تعتمد على الحديد المشتعل أو الحرق بواسطة النار إلى جراحات صغيرة جدًا تساعد في الحفاظ على الثدي. وفي العقود الثلاثة الأخيرة حدث إنقلاب في دراسة المرض من ناحية بيولوجية وكيفية تقدم المرض, مما أدى لحدوث تغييرات ملحوظة في طريقة العلاج.
هنالك فرق شاسع بين الجراحات المستخدمة في علاج الأورام الحميدة وتلك الخاصة بالأورام الخبيثة. ففي النوع الحميد يكفي استئصال الورم بالإضافة إلى الحواف حَوله والتي تحوي نسيج ثدي سليم, ولكنفي الأورام الخبيثة أحيانًا تكون هنالك حاجة للقيام بجراحة موسعة بعض الشيء أو كاملة لكل الثدي بحيث يرافقها في العديد من الحالات ضرورة لاستئصال عقدة أو عدة عقد لمفاوية من الإبط في جهة الثدي المصاب.
جراحة سرطان الثدي الحميد
سرطان الثدي الحميدهو كيس في الثدي (Cyst) هو ورم حساس وناعم ودائري الشكل بأحجام متغيرة وما يميزه أنها مملوء بالسوائل. هذه الأكياس من الممكن أن تظهر كجزء من الداء الكيسي الليفي في الثدي (Fibrocystic breast disease) وهو مرض شائع ويظهر لدى 30-60% من النساء في جيل الخصوبة ويتميز بنسيج ثديي متكتل وكثيف وعليه بثور تصبح حساسة في فترة ما قبل الدورة الشهرية.
التشخيص والعلاج: يتم تشخيص سرطان الثدي الحميد بواسطة فحص الثدي بشكل يدوي وبواسطة الأشعة فوق الصوتية (ultrasound). في بعض الحالات النادرة قد يرافق الأكياس سرطان الثدي، ونتيجة لذلك فإذا كان حجم الكيس أكثر من 2 سم أو يسبب ألم يتم حينها فحصه بواسطة الوخز عن طريق إبرة دقيقة (FNA). ويتم ارسال السائل الناتج للكشف عن وجود الخلايا السرطانية. إذا ظهر من جديد أكثر من مرتين يجب استئصاله بشكل موضعي (Lumpectomy).
ورم غدي ليفي (fibroadenoma) :
هو عبارة عن ورم صلب والذي يتم تحسسه بشكل كرة مرنة وقابلة للتحريك. هذا الورم ممكن أن يظهر كورم وحيد أو عدة أورام في ثدي واحد أو في كليهما. من الشائع ظهوره في جيل 17-25 سنة ولكن هنالك حالات تظهر في جيل متأخر أكثر.
التشخيص والعلاج: يتم تشخيص الورم الغدي الليفي بواسطة فحص يدوي والذي يتم تأكيده عن طريق الأشعة فوق الصوتية. والنساء اللواتي أعمارهن أكبر من 25-30 سنة يجب تأكيد التشخيص بواسطة عينة من النسيج بواسطة إبرة مجوفة (Core needle biopsy).
في حال كانت الأورام بحجم صغير حتى 2 سم, من الممكن حينها الاكتفاء بمتابعة هذه الأورام عن طريق الفحص اليدوي والأشعة فوق الصوتية. لكن في حال كان قطر الورم أكبر من 2 سم أو في حال تضخمه بشكل ملحوظ أثناء فترة المتابعة يجب استئصاله. عند تواجد عدة أورام يجب معاملة كل ورم منها على حدة وتطبيق قواعد الورم الغدي الليفي على كل واحدة من هذه الأورام.
ورم غدي ليفي ضخم (Giant fibroadenoma):
هذا الورم هو جزء من عائلة الأورام الغدية الليفية والذي من الممكن أن يصل قطره إلى 5-6 سم. جزء من هذه الأورام هي أورام ناتجة من الأنسجة الضامة (connective tissue) والتي تدعى ورم فيلودس (phyllodes tumor) والذي يملك المقدرة على التحول لِوَرم خبيث بدرجات مختلفة من الخطورة.
التشخيص والعلاج: علاج هذا النوع من الأورام يتم عن طريق استئصاله مع الحواف الخالية من المرض. إذا تبين بأن الورم هو ورم فيلوديس خبيث، حينها يجب القيام بتوسيع الاستئصال لحواف نقية تصل إلى 1-2 سم. عندما يكون حجم الورم كبير نسبة لحجم الثدي فإنه من غير الممكن القيام باستئصال الورم مع الحفاظ على الثدي وهنالك ضرورة لاستئصال كل الثدي.
ورم دهني (شحمي) (lipoma):
هو عبارة عن ورم حميد مصدره من الأنسجة الدهنية, مبني من خلايا دهن بالغة وطبيعية. شكله مكور وصلابته تتراوح بين رخو لكثيف وصلب. يتم التشخيص عن طريق الأشعة فوق الصوتية وأخذ عينة من الورم. ليست هنالك ضرورة طبية لاستئصال هذا الورم، ولكن إن لم يكن التشخيص مؤكد حينها يجب استئصال الورم مع الحواف الخالية من المرض.
جراحة سرطان الثدي الخبيث
تقنية الجراحة لعلاج سرطان الثدي الخبيث مرت بالعديد من التغييرات خلال أخر عقدين. فتقنية الجراحة الموسعة التي كانت متبعة منذ سنة 1908، والتي تضمنت الاستئصال الموسع للثديh، وعضلات القفص الصدري وعدد كبير من العقد اللمفاوية المتواجدة في الإبط إنتهت.
وجرت تغييرات كبيرة على هذه التقنيات, حيث تحولت إلى جراحة مصغرة قدر الإمكان. وسبب الانتقال من التقنية الموسعة والتي تشوه شكل الجسم هي الاستنتاج بأن حجم الجراحة لا يؤثر على احتمالات الشفاء من المرض.
إتساع حجم الجراحة يعتمد على عدة عوامل, وهي:
1. حجم الورم والنسبة بينه وبين حجم الثدي.
2. موقع الورم. التوجه مختلف بين الأورام المتواجدة في منطقة الحلمة وما تحتها والأورام المتواجدة في محيط الثدي.
3. عدد الأورام والمسافة بينها.
4. حالة العقد اللمفاوية المتواجدة في الإبط.
5. تواجد النقائل البعيدة عن موقع السرطان.
في مُعظم الحالات هنالك امكانية لإختيار إحدى التقنيتين الجراحيتين, وهما التقنية التي تحافظ على الثدي أو التقنية التي تعتمد على استئصال الثدي بأكمله, والقرار عادة يعود للمريضة.
الاستئصال مع المحافظة على الثدي: يتم استئصال منطقة الورم مع حواف خالية من المرض, خلو الحواف من الورم يتم تحديده فقط عن طريق النتائج النهائية للفحص الميكروسكوبي في بعض الحالات يجب القيام بجراحة أخرى للحصول على حواف خالية. بشكل عام عندما يتم القيام بالجراحة المحافظة على الثدي يجب القيام بالعلاج المكمل بالأشعة بشكل موضعي على الثدي المصاب.
لا يمكن المحافظة على الثدي عندما:
1. تتواجد عدة أورام بعيدة عن بعضها البعض في الثدي.
2.عندما يصيب الورم كل الثدي.
3.عندما يكون الورم كبير نسبة لحجم الثدي والنتائج الجمالية للجراحة غير جيدة أبدا.
4.في حال تكرر السرطان بثدي كان قد مر بالجراحة وعلاج الأشعة في الماضي.
استئصال الثدي بأكمله (Total mastecomy):ءفي هذه الجراحة يتم استئصال الثدي فقط بالإضافة إلى الحلمة والهالة ولا يتم المس بعضلات القفص الصدري. من الممكنإعادة بناء الثدي في نفس الجراحة. بشكل عام لا تكون هنالك ضرورة لإضافة علاج الأشعة من بعد القيام بهذه الجراحة. يتم إجراء هذه الجراحة عند عدم التمكن من إجراء الجراحة المحافظة على الثدي نتيجة للأسباب الطبية التي تم ذكرها أعلاه أو وفقًا لقرار المريضة.
استئصال الغدد اللمفاوية المتواجدة في الإبط (Axillary lymph node dissection):
هذه الجراحة يتم القيام بها أثناء القيام باستئصال تام للثدي أو في الجراحات المحافظة على الثدي، هدف هذه الجراحة الأساسي هو تحديد مرحلة المرض (Stage) ولا يلعب دور في الشفاء. في الماضي كان يتم استئصال عدد كبير من الغدد اللمفاوية، مما أدى للإصابة بالأمراض بنسبة كبيرة والتي تميزت بوذمة لمفاوية في الذراع (lymphedema)، وتضرر المقدرة على الإحساس في الجهة الداخلية من الذراع.
اليوم في معظم الحالات يتم القيام بإجراء جراحة من أجل فحص الغدد اللمفاوية الخافرة (Sentinel lymph node biopsy). بهذه الطريقة يتم البحث عن الغدد الخافرة في الإبط، وهي الغدد الأولية التي يتم تصريف السائل اللمفاوي إليها من الثدي، ويتم استئصالها من أجل فحصها. إذا كانت هذه الغدة لا تحوي خلايا سرطانية فإن هذا يدل على أن باقي الغدد اللمفاوية خالية من المرض. يتم تشخيص هذه الغدة الخافرة بواسطة حقن مادة لونها أزرق في الجلد أسفل الحلمة في منطقة الورم.
ومن أجل مضاعفة دقة تشخيص الغدة اللمفاوية يتم حقن الثدي بمادة مشعة بكمية ضئيلة، بحيث تتجمع هذه المادة في الغدة الخافرة. دمج هذين الاختبارين معاً يمكننا من الوصول إلى دقة تشخيص الغدة الخافرة بما يقارب 100%.
في الحالات التي تكون فيها الغدة الخافرة مصابة بالمرض (40% من النساء) يجب القيام باستئصال موسع لكامل الغدد اللمفاوية من الإبط والذي يتم بنفس وقت الجراحة أو بموعد لاحق. أما لدى باقي النساء ليست هنالك ضرورة لاستئصال كل الغدد اللمفاوية.